الضبط المجتمعي والجريمة المجتمعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948 – أسرار كيال

يتناول هذا المقال عاملاً واحداً من بين عوامل عديدة أُخرى قد تقف وراء ارتفاع الجريمة المجتمعية، وهو عامل "الرقابة الاجتماعية" (Social Control) في وجهه العام، وعلاقته بالشرطة "الإسرائيلية"، ودوره في ارتفاع نسبة "جرائم القتل المجتمعية" لدى المجتمع الفلسطيني في الأراضي المحتلة سنة 1948(فيما يلي أ.م.48). يحاول المقال النظر في واقع ارتفاع الجريمة المجتمعية من منظور علم النفس المجتمعي والتحرري، ومن خلال توظيف نقدي لعلميْ الاجتماع والإجرام، كما يتخصص فيما نحاول تسميته عامل "الضبط المجتمعي" (Community Regulation). ويخلص إلى أن اعتماد الشرطة كعامل للرقابة الاجتماعية، الذي يُساءَل عن عنصريته، أو يُحاسَب على أدائه، هو أمر يستدعي إعادة النظر. إن تواجد هذه المراكز بحد ذاته يشكل تعبيراً عنيفاً عن قهر المجتمع الفلسطيني من جهة، وتهديداً لآلية ضبطه المجتمعية من جهة أُخرى. كما يناقِش المقال في ختامه حالة مدينة أم الفحم كنموذج لطرحه.
خلفية
ارتفعت نسبة جرائم القتل لدى المجتمع الفلسطيني في الأراضي المحتلة سنة 1948 خلال الأعوام العشرة الماضية،[1] وصولاً إلى أعداد قياسية منذ النكبة.[2]
جرت محاولات عديدة لفهم هذه الظاهرة، بعضها يُظهر الموضوع اعتماداً على نظريات وتوجهات فردانية كلاسيكية كانت نشأتها في أوروبا (علي، 2012)، وبعضها يدّعي أن العرب يميلون إلى قتل بعضهم البعض، وهو "أمر موروث"[3] لديهم، في حين عزا آخرون الأمر إلى "تقاعُس الشرطة وتقصيرها في عملها."[4] بينما تظهر فجوة جدية في تحليل الظاهرة من منظور نقدي، وتحديداً لدى النظر في المركّبات النفسية المجتمعية.
يتناول هذا المقال عاملاً واحداً من بين العوامل العديدة للارتفاع في نسبة "جرائم القتل المجتمعية" لدى المجتمع الفلسطيني في أ.م.48، وهو عامل "الرقابة الاجتماعية"
Social Control)) في وجهه العام، من منظور مجتمعي نقدي، ويتخصص فيما نحاول تسميته عامل "الضبط المجتمعي" (Community Regulation).
في الحديث عن "الجريمة المجتمعية"، تُقصَد الجرائم المرتكَبة بين أولاد[5] الشعب الواحد (من طرفهم/ن وبحقهم/ن). وغالباً ما اشتركت الشعوب الواقعة تحت الاستعمار في بروز هذه الظاهرة، التي سُمّيت بـ "جُرم الدائرة المغلقة"، والمقصود بها تصدير غضب أولاد الشعب المستعمَر، أحدهم/ن إلى الآخر/ى، من دون المسّ برموز أو مجتمع المستعمِرين (فانون، 2014، ص246)، أو بعنف "المرحلة الاضطهادية" لدى الشعوب المقهورة، إذ يضطهد أحدهم/إحداهن الآخر/ى كتصدير للاضطهاد الواضح والمبطن الذي يختبره من النظام الاستعماري أو القامع (حجازي، 1985، ص51)، وفي الوصفين قد تتعدد الأسباب العينية للجريمة بين الاقتتال على مساحة أرض، أو ركن سيارة، أو مال، أو حتى نظرة غير ملائمة.
أمّا التعريف الأكثر اتساعاً في مجال علم الإجرام لـ "الرقابة الاجتماعية"، فهي "الطرق المنظمة التي يستجيب بها المجتمع للسلوك والأشخاص الذين يعتبرهم منحرفين، إشكاليين، مقلقين، أو مصدراً للتهديد، أو مشاغبين، أو غير مرغوب فيهم بطريقة أو بأُخرى." (Cohen, 1985)
يُنسَب هذا التعريف غالباً إلى الرقابة الاجتماعية الرسمية التابعة للدولة، وينعكس في سياسات القانون المدني والشرطة، وتسعى الدول من خلالها لـ "تأمين الاستقرار ومنع الفوضى وحفظ سلطتها وتعريفاتها للجنوح والجريمة." إلّا إن العلاقة المركّبة بين الشرطة الاسرائيلية و"الأقلية الفلسطينية"، والمتأثرة بـ "الأيديولوجيا الأمنية" جعلت هذه الرقابة آلية للسيطرة، تُحكِمها وترفعها في المناطق المتعددة. الأمر الذي يستدعي النظر إلى السياق التاريخي الذي كوّن هذه العلاقة ونما هذا السلوك الإجرامي في ظله (Hassanein, 2016).
أغلبية البحوث التي أُنجزت فيما يتعلق بالجريمة المجتمعية في أ.م.48 تعتمد على التقسيم المعياري في علم الإجرام بين عامليْ "السلوك" و"رد الفعل" (علي، 2012؛ 2016Hassanein, ). لكن اعتبار "رد الفعل" الذي يُساءَل ويُقيَّم ويرجى تعديله باعتباره السياسات الرسمية للدولة وجهاز الشرطة كأداة لـ "الرقابة الاجتماعية" ومفعّلاً لها في المجتمع الفلسطيني، هو أمر جدير بالمُساءَلة من منظور علم النفس المجتمعي. ويستوجب السؤال عن كونهما فعلًا كذلك بالنسبة إلى المجتمع الفلسطيني، بعد عقود كان خلالها يضبط نفسه بنفسه من خلال قيَمه وأعْرافه المجتمعية المستقاة من تاريخيْه، الفلسطيني والعربي، والتي شكلت "ضبطاً مجتمعياً" لردع الجريمة.
الضبط المجتمعي
إن الضبط المجتمعي إذاً هو أحد وجوه الرقابة الاجتماعية لسلوك ما، إلّا إن مصدره هو المجتمع: أعرافه وقيمه.
إن الضبط المجتمعي في المجتمع الفلسطيني في أ.م.48 كان قد بُنيَ على ارتباط الشعب الفلسطيني بما يُسمى "علاقة الأهالي"، وهي علاقة أولاد الشعب الواحد ببعضهم البعض، وبالمكان، وبتاريخهم، وبتجاربهم، وبقيَمهم (فاشة، 2013).
مركّب علاقة الأهالي هو مركّب أساس في معادلة الضبط المجتمعي لدى الشعوب الجَمعية، والتي تشكلت النفس البشرية فيها حول وجودها ضمن جماعة واستدخلتها "كمسؤولية" يقع على عاتق الفرد حفظها، وليست فقط "كمورد للدعم". ويتضح هذا في فهم مركّب "الحِسّ النفسي المجتمعي" في الجنوب العالمي (Nowell, 2010).
وتظهر أهمية دور المجتمع في ضبط الجريمة في دراسات إكلينيكية في علم النفس، والمتصلة بالحالات الشديدة التعقيد منها،[6] حيث تُجدي الرقابة الاجتماعية والضبط المجتمعي بصورة خاصة نفعاً جدياً في تثبيطها. (Elbert, 2017)
يتحدث فاشة عن تحوّل في حياة المجتمع الفلسطيني، والذي يرتبط بدخول المؤسسات الرسمية إلى حياة الأهالي، فيجرى تحويلاً للعلاقات، من "علاقة أهالٍ" إلى "علاقة مواطنين"- بمعنى كونهم أفراداً فإن علاقتهم ليست ببعضهم البعض وإنما في مقابل مؤسسات. (فاشة، 2013) فدخول المؤسسات الحكومية الاستعمارية أو غير الحكومية إلى حياة الشعوب الجمعية، يدفع الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع إلى التراجع، ويثني أولاد الشعب عن التقديم الفطري لمجتمعهم، لتأخذ هي المسؤولية. (بكير، 2012)
أثر هذا الدخول في أ.م.48 في "علاقات الأهالي" و"الجريمة المجتمعية" فيها، هو أمر يجب إخضاعه لمزيد من البحث، تحديداً مع وجود معطيات محلية تؤكد وجود تحوّل في التركيبة المجتمعية العائلية (Haj- Yahia & et al, 2008)، وتدلل على نسبة مرتفعة لعنف العصابات وجرائم القتل المجتمعي في المدن المختلطة (مستوطنون وأهالٍ)- حيث ينطبق الضبط المجتمعي بصورة أقل- مقارنة بالبلدات الفلسطينية غير المختلطة. (Rekhes, 2012)
كما لا يمكن استبعاد العامل السياسي الذاتي- الفلسطيني من التأثير في هذا التراجع في الحِسّ النفسي المجتمعي والقيَم والأعراف المجتمعية الضابطة للجريمة. ونرى حاجة إلى الاستزادة في البحث لفهم الأثر النفسي المجتمعي للسلخ الذي اختبره الأهالي في أ.م.48 نتيجة اتفاقية أوسلو.
فبحسب حسنين (2016)، تقيّد المعازل إمكان الحفاظ على المؤسسات والقيم التقليدية التي تستطيع التحكم في السلوك الإجرامي عن طريق العمليات الاجتماعية التي تحدث خارج إطار مؤسسات الدولة- أي ما نُسميه "الضبط المجتمعي".
دخول الشرطة إلى البلدات الفلسطينية في الأراضي المحتلة سنة 1948
بعد توصيات "لجنة أور"[7] في سنة 2003 بتغيير مسار العلاقات بين الشرطة و"المجتمع العربي في إسرائيل"، وبتكثيف وجود الشرطة في البلدات الفلسطينية، تمت إقامة مراكز للشرطة في بعضها، حتى اتُّخِذ في سنة 2016 قرار حكومي (رقم 1402) بتكثيف هذا التواجد في أغلبيتها بالإضافة إلى تجنيد عرب فلسطينيين للعمل في جهاز الشرطة.[8]
ومن الملفت أن الأبحاث الأكاديمية الإسرائيلية التي أُنتِجت بعدها أوصت بتكثيف هذا التواجد للشرطة، على الرغم من وجود العديد من التناقضات في نتائج الاستبيانات التي لم يتم تحليلها. (Ali & Levin, 2019)
إن ما أدّعيه، وبعيداً عن إمكان تورّط الشرطة في الجانب المادي للجريمة، يتعلق بالجانب النفسي المجتمعي لدخول الشرطة إلى البلدات الفلسطينية: العلة التي تكمن خلف ارتفاع الجريمة المجتمعية ليست بتواني الشرطة عن قيامها بعملها، بل على العكس تماماً؛ هي كشرطة استعمارية تقوم بعملها وتحقق هدف "تذرير" المجتمع المستعمَر (فانون، 2014)، لكن وجودها في البلدات الفلسطينية بحد ذاته أمر عنيف ويرفع نسبة الجريمة فيها. ذلك كقول فانون:
"في المناطق المستعمَرة، فإن الدركي والشرطي، بحضورهما المباشر… يظلان على اتصال بالمستعمَر وينصحانه، بالعصا وبالمواد المُحرقة، بألّا يتحرك، وهكذا ترون أن وسيط السلطة الحاكمة يستعمل هنا لغة هي عنف صرف. إن الوسيط لا يخفف هنا الاضطهاد، ولا يسدل على السيطرة حجاباً.. إنه يعرضهما، إن الوسيط يحمل العنف إلى بيوت المتسعمَر وإلى أدمغته." (فانون، 2014، ص41)
فبحسب فانون، يُصبح الشرطي في المستعمرات هو الجهة التي تنطق بلسان نظام الاضطهاد، وهو المرجع الشرعي للقيَم، الذي يستطيع المستعمَر (بتحوُّله من أهالٍ إلى فرد) أن يرجع إليه ويخاطبه. وتكون الفردانية في طليعة هذه القيم التي يجلبها الشرطي الاستعماري ويغرسها في ذهن المستعمَر، وإن الغنى هو غنى الفكر- بينما ينهب الاستعمار الأرض والثروات الطبيعية ويغتني بها- وإن الأخ والرفيق هي كلمات تُنبَذ: فالأخ عنده هو محفظة النقود، والرفيق هو الصفقة الرابحة. (فانون، 2014، ص48)
يظهر هذا التغيير في القيَم، والذي تسعى الشرطة الاستعمارية لفرضه بصورته الجلية في عملها "كدفيئة لعصابات الإجرام" في أ.م.48، وسعيها لتحويل رؤوسها والمتورطين فيها إلى وجاهات ورموز "مجتمعية" تحل المشكلات وتتواسط في الخلافات.[9] وقد أظهرت مراقبة دخول هذه المراكز الشُرطية إلى البلدات الفلسطينية، علاقة طردية واضحة بين هذا الدخول وارتفاع نسبة الجريمة هناك في السنوات اللاحقة.[10]
أم الفحم نموذجاً
أم الفحم مدينة فلسطينية في أ.م.48، افتُتح فيها مركز الشرطة سنة 2004، ذلك عقب التحامها بامتدادها الفلسطيني في انتفاضة القدس والأقصى في سنة 2000.[11]
وازداد مُذّاك عدد ضحايا جرائم القتل المجتمعية في أم الفحم حتى وصل إلى 32 ضحية بين السنوات 2011 و2019[12].
بحسب ما أسلفنا، فإن وجود مركز الشرطة يسلب أهالي أم الفحم السيادة على مكانهم ويشوه علاقاتهم وآلية الضبط المجتمعي بما تتضمنه من قيَم وأعراف. إلّا إن ما يحدث في أم الفحم من تظاهرات واحتجاجات منذ أكثر من شهرين، هو محاولة لاستعادة السيطرة الذاتية والضبط المجتمعي وإرجاعهما إلى نصابهما.
فللأسبوع التاسع على التوالي (لحظة كتابة هذا المقال) تحدث تظاهرات[13] وإقامات للصلوات في أم الفحم، والتي تتهم الاستعمار بنشر جرائم القتل، وذلك بحسب الخطاب الرسمي للحراك الموحد[14] الذي ينظم هذه الأنشطة الاحتجاجية. وكانت شعارات الحراك: اتهام الاستعمار، دحر الشرطة، التأكيد على الهوية الفلسطينية، اتهام المجرم الذي يقتل أولاد شعبه بالخيانة ووصف الشرطة والمتعاونين معها بألقاب سلبية وتتسم بالنجاسة.[15]
ومنذ انطلاق هذه التظاهرات الضخمة وحتى يومنا هذا لم تحدث أية جريمة قتل في أم الفحم أو أحداث إطلاق نار، الأمر الذي عرّفه الحراك بأنه نجاح "للضغط الشعبي" لوقف الجريمة.[16]
وقد يكون ذلك انعكاساً لاستعادة القيم والأعراف الأصيلة للمجتمع الفحماوي الفلسطيني العربي ولإعادة تعريفها: فبعد أن تم تشويهها وطغت مكانها قيَم دخيلة، أدت إلى الخوف من صاحب السلطة والنفوذ وحامل السلاح والسكوت عنه، يُعاد اليوم تعريفه بالخائن.
إن إعادة الأهالي لتثبيت قيَمهم وهويتهم في حيز المدينة ورفعها عالياً مع الأعلام الفلسطينية تأكيداً لهوية المجتمع وروايته، تشكل حتى الآن آلية ضبط جدية، إلّا إن الأمر يستدعي بحثاً أكثر عمقاً قبل تأكيد هذا.
إن هذه الاستعادة هي ما يَلزم النفس البشرية لتكون متماسكة في وقت الأزمات، كقول كلاين: "الصدمة ليست حدثاً يحزننا فحسب، لكنها أمر يحدث لنا عندما نفقد تسلسل الأحداث، نفقد روايتنا وتاريخنا، وعندما نصبح تائهين (من دون وُجهة). إن ما يُبقينا في حالة انتباه ووعي وخارج الصدمة هو تاريخنا وروايتنا." (Naomi Klein, 2007)
أمّا العامل الإضافي والمرتبط الذي يظهر في تجربة أم الفحم، والذي لن نخوض فيه، لكن لا بد من ذكره، هو عامل مجابهة المصدر الأساسي للقهر وهو الاستعمار. إن الإسهامات النفسية لهذه المجابهة تمتد إلى تحصين وبنيان نفسي أكثر تماسكاً لدى المقهورين، ولا تقتصر فقط على الفائدة المبتغاة من نيل الحقوق، فالاستعمار كان قد فكّك من خلال قمعه شخصَ المستعمَر وجعل هذا التفكيك واضحاً على مستوى "البنيانات الاجتماعية". وفي حين يتحول الشعب المستعمَر في الوضعية السلبية إلى أفراد يستمدون أساسهم من وجود الاستعمار لا غير، فإن الاتحاد بالفعل المشترك في وجهه يُعيدهم كنفس متماسكة ذات رواية واضحة. (فانون، 2014، ص236)
ملحق:
اقتباسات من خطاب الحراك الموحد، والذي تم إلقاؤه في التظاهرة القُطرية الثامنة لمناهضة الجريمة في مدينة أم الفحم، بتاريخ 5 آذار/مارس 2021:
"إن حضوركم الحاشد اليوم والتفافكم حول الحراك الفحماوي الذي نجح في جمع الكل الفحماوي، شيباً وشباباً، رجالاً ونساءً، كما جمع الإسلامي والوطني على قلب رجل واحد، لهو خير دليل على تعطُّش الفلسطيني في الداخل المحتل لنموذج نضالي قادر على تحدي سياسات القتل الممنهج ومواجهة الشرطة الإسرائيلية المنفّذة لها، رافعاً صوته أمام تآمرها على أبناء شعبنا الأغر الصامد.."
"من هنا.. فإن كان منبر الدفاع عن المسجد الأقصى انطلق من مدينتنا أم النور والنار، فإن منبر الدفاع عن الإنسان وكرامته قد انطلق منها ولن تحدّه الحدود ولن تقيده القيود ما دام فينا عرق ينبض…"
"نعي أن مشكلتنا ليست قائد شرطة هنا أو هناك، ونعلم أننا أمام سياسات ممنهجة مرسومة بعناية وإن شرطتكم ليست الحل إنما هي المشكلة والذراع التي تضربوننا بها، وعليه فإننا منطلقون من إيماننا بصدق نضالنا ومن فهمنا العميق لجذور المشكلة المتمثلة في سياسات لا تختصر جهداً من أجل تفكيكنا وضرب الأخ بأخيه وتسعى لشرذمتنا. ولهذا نعدكم بأننا لن نكل أو نملّ إلّا بهزيمة سياساتكم هذه وكل إفرازاتها، رافضين أن يكون سقف مطالبنا أن نعيش فقط، إنما أن نعيش في بلادنا كأصحاب وطن وحقوق غير منقوصة، هذا عهدنا لكم وعهدنا لأبناء شعبنا."
"رسالتنا الثانية هي لشرطة أم الفحم وقائدها]حوفيف يتسحاق[،
نحن نعي جيداً أنك لست إلّا أداة صغيرة بيد مؤسسات قمعنا، ومع أنك لست إلّا كذلك، فقد سوّلت لك نفسك احتقار عاداتنا وتقاليدنا وديننا وهي التي تشكل مجتمعةً ثقافتنا."
المراجع:
مراجع بالعربية
بكير، رنا. "التحولات في اللحمة الاجتماعية والمفهوم السيكولوجي المجتمعي في السياق الفلسطيني بين الانتفاضة الأولى والوقت الراهن". رسالة ماجستير. بيرزيت: جامعة بيرزيت، 2012.حجازي، مصطفى. "التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور". بيروت: المركز الثقافي العربي، 1985.
فاشة، منير. "الأهالي هم الأمل والحل" في" أهل الأمل". بيروت: مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية، نيسان/أبريل 2013، ص 4-31.فانون، فرانز. "معذّبو الأرض". ترجمة د. سامي الدروبي ود. جمال الأتاسي. القاهرة: مدارات للأبحاث والنشر، 2014.
مراجع بالانكليزية
Ali, Nohad and Lewin-Chen, Ruth. Violence, Crime and Policing in Arab Towns. haifa: Abraham Initiatives and Samuel Neaman institute, 2019, p.52
Cohen, Stanley. Visions of social control: Crime, punishment and classification. Cambridge: Polity Press, 1985.
Deci, Edward L. & Ryan, Richard M. eds. Handbook of self-determination research. Rochester, New York: University of Rochester Press, 2002.
Elbert, Thomas, Moran, James & Schauer, Maggie. "Appetitive aggression." In Brad J. Bushman. ed. Frontiers of social psychology. Aggression and violence: A social psychological perspective. Abingdon: Routledge,Taylor & Francis Group, 2017, pp. 119–135.
Haj-Yahia, Muhammad M. & Sadan, Elisheva. "Issues in intervention with battered women in collectivist societies." Journal of Marital and Family Therapy, vol. 34, no. 1 (2008), pp. 1-13.
Hassanein, Sohail S. "Crime, politics and police in the Palestinian's society in Israel." Social Identities, vol. 22, no. 4 (2016), pp. 376-396.
Klein, Naomi. The Shock Doctrine: The Rise of Disaster Capitalism. Canada: Knopf, 2007. (First Edition).
Nowell, Branda. "Viewing Community as Responsibility as Well as Resource: Deconstructing the Theoretical Roots of Psychological Sense of Community." Journal of Community Psychology, vol. 38, no.7 (September 2010), pp. 828–841.
Rekhess, Elie. Together but Apart: Mixed Cities in Israel. 2007.
مراجع بالعبرية
علي، نهاد. "هذا ليس عنفاً، إنها حرب أهلية". تقرير بحثي تم تحضيره للجنة متابعة شؤون العرب في إسرائيل. الناصرة، 2012.
[1] حتى بلوغها ما نسبته 70% من جرائم القتل المرتكَبة داخل القطاع السكاني من حملة المواطنة الإسرائيلية، وذلك بحسب تقرير الشرطة السنوي الصادر في أيار/مايو 2019، لوصف معطيات سنة 2018.
"Israeli Police report, May 2019", Israeli Police annual report for the year 2018, P. 42.
تم الاطلاع عليه في 10/2/2020 على الرابط الإلكتروني.
في حين أن نسبة تعدادهم السكاني لا تتخطى الـ 21%، بحسب إحصاء التعداد السكاني الإسرائيلي من المكتبة اليهودية الافتراضية لسنة 2019. "Latest Population Statistics for Israel," Jewish Virtual Library 2019. تم الاطلاع عليه في 10/2/2020.
وفي سنة 2019 وصل تعداد ضحايا جرائم القتل هذه إلى 85 ضحية، بحسب جمعية بلدنا وجامعة كوفنتري، "تسع سنوات من الدم: تقرير إحصائي عن جرائم القتل لدى فلسطينيي الـ 48" (1 حزيران/يونيو 2020). تم الاطلاع عليه في 07\03\2021 على الرابط الإلكتروني.
ووصل عدد الضحايا إلى 102 ضحية في سنة 2020، بحسب المرصد، مركز أمان، "ملخص 2020: المركزالأكثر دموية وعنفاً" (3 كانون الثاني/يناير 2021). تم الاطلاع عليه في 06\03\2021.
[2] جمعية بلدنا وجامعة كوفنتري، مصدر سبق ذكره.
[3]وزير الأمن العام جلعاد أردان يدّعي في تحليله لأسباب ارتفاع نسبة الجريمة في المجتمع الفلسطيني في أ.م.48، أن العرب عنيفون وراثياً.
انظر:
"Israel minister: Arabs are inherently violent,". retrived 10 Februray 2020
[4] تصريح رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة لوكالة الأنباء i24news عن الجريمة المجتمعية في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2019، انظر: "أيمن عودة يحث الشرطة الإسرائيلية على التصدي لعصابات الإجرام في البلدات العربية"؛ "عضو كنيست عربي: الشرطة وحدها قادرة على التعامل مع جرائم القتل". تم الاطلاع عليه في 10/03/2021.
[5] أعتمد استخدام كلمة "أولاد" في إطار هذا المقال، بحيث لا يُقصد بها "أبناء"، أي أنها لا تحمل قصد التحديد الجنسي "ذكوراً" ومؤنثها "بنات"، بل يُقصد بها مَن ولدهم/ن هذا البلد فكانوا "ولداً" أو "أولاداً" له، بغض النظر عن الجنس أو النوع الاجتماعي أو الجيل.
[6]وهي الحالات التي ترتبط بالجُرم المثير للّذة "Appetitive aggression"، أي حين تألف النفسُ الجُرمَ وتدمنه الناقلات العصبية نتيجة عيشها عذابات الحروب المستمرة.
[7] ملخص تقرير لجنة التحقيق الرسمية "أور" (باللغة العبرية) (1 أيلول/سبتمبر 2003)، لجنة التحقيق الرسمية لاستيضاح الاشتباكات بين قوى الأمن ومواطنين اسرائيليين. (البنود 26 وحتى 29) ص 24-25. تم استرجاعة بتاريخ 08\03\2021 من الرابط الإلكتروني.
[8]بحسب التقرير المُحدّث الصادر عن البرلمان الاستعماري الصهيوني – الكنيست بتاريخ 22\06\2020. ص 21. تم استرجاعه بتاريخ 05\03\2021 من الرابط الإلكتروني.
[9] عرّاف سهى، "الشرطة دفيئة لمنظمات الإجرام: مجرمون ضباط شرطة ورجال صُلح" (19 كانون الثاني/يناير 2020). تم استرجاعه بتاريخ 03\03\2021 من الرابط الإلكتروني.
[10]عرّاف، "افتتاح مراكز الشرطة في البلدات العربية: جرائم القتل لم تقِل" (21 كانون الثاني/يناير 2020). تم استرجاعه بتاريخ 27\12\2020 من الرابط الإلكتروني.
[11] ملخص تقرير لجنة التحقيق الرسمية "أور"، مصدر سبق ذكره.
[12] جمعية بلدنا وجامعة كوفنتري، مصدر سبق ذكره.
[13] وكانت انطلقت في السنة السابقة 2020، وتحديداً في نهايتها، تظاهرات ووقفات احتجاجية متفرقة تطالب الشرطة بأخذ دورٍ حقيقي في ردع الجريمة، أمّا في العام الحالي ومنذ مطلعه تقريباً بدأت تتنظم الجهود الفحماوية في حراك موحد قام بتصعيد موقفه من الجريمة والشرطة.
[14] الحراك الفحماوي الموحد هو حراك مؤلف من أجسام سياسية وطنية وإسلامية واجتماعية بالإضافة إلى مستقلين، تم تأسيسه بداية العام الجاري 2021 ويسعى لمجابهة الجريمة في مدينة أم الفحم من خلال مطلب أولي يشترط إقالة رئيس مركز الشرطة في المدينة، وينطلق إلى مطالب كإغلاق مركز الشرطة تماماً ونبذ العنف بين أولاد الشعب الواحد. يتميز هذا الحراك بتركيباته المتعددة، وبهويته الفلسطينية الواضحة، وبخط يتهم الاستعمار بصورة واضحة بارتفاع نسبة الجريمة، ويسعى لمناهضة أوجه قمعه الموجهة نحو الشعب الفلسطيني. (مرفق في الملحق بعض الاقتباسات من خطاب الحراك في التظاهرة القُطرية المقامة بتاريخ 05\03\2021، وهي التظاهرة الثامنة على التوالي من سلسلة النشاطات النضالية للحراك).
[15] ظهرت شعارات من نوعين:
– شعارات مرتبطة بالثورة، وبالارتباط الوطني الفلسطيني الفحماوي، وأن أزمة ام الفحم مقابل مركز الشرطة في المدينة اليوم لا تُفصل عن النضال الفلسطيني في وجه الاستعمار عموماً: "ثوار أحرار حنكمل المشوار.. صوتك يا بلادي.. ثورة"، "جنة يا وطننا، يا جماهير ثوري على الشرطة ثوري.."، "سد المركز سد سد"، الشرطة برا برا بلدنا عاشت حرة".
– شعارات تُعيد تعريف القيم والأعراف في المجتمع الفحماوي، وبأن القتل مرفوض أخلاقياً ودينياً، والإجرام بحق أولاد الشعب والبلد خيانة، وبأن الشرطة هي المسؤولة عن جرائم القتل في المدينة، والتعامل معها خيانة، ونصرة الحق واجبة: "حوم طير الأبابيل… ع الشرطة وخفافيش الليل، الله اكبر.. الله المنتقم الجبار، توعّد الظالم بالنار…"، "ام الفحم أمانة وهذا سلاحك خيانة"، "يا شرطي يا خسيس… يا سنجير يا خسيس دم اولادنا مش رخيص"، "لا إله إلا الله والمجرم عدو الله، باسم الله الله أكبر أم الفحم لازم تتطهر"، "مش منا أبداً مش منا يللي بيقتل مستقبلنا"، "ما منهاب ما منهاب والشرطة شرطة إرهاب".
[16] هذا بحسب ما أفاد عضو الحراك الموحد في أم الفحم براء جبارين في مقابلة أُجريت معه على قناة "هلا"، والتي نُشرت بتاريخ 11\03\2021، وتم استرجاعها بتاريخ 12\03\2021 من الرابط الالكتروني.
إن اعتبار الأمر نجاحاً هو على ما يبدو وفقاً للمقارنة بالمعدلات من الأشهر والأعوام السابقة لإطلاق النار. ففي حين أنه بلغ في العام عدد حالات إطلاق النار في الداخل المحتل مجتمعة 8500 (بحسب مُركِّز طاقم الرصد في مركز أمان سعيد حاج يحيى (13 آذار/مارس 2021). "معطيات مخيفة | خطة الحكومة غير موضوعية – والأحزاب العربية منشغلة بالمناكفات بدل مكافحة الجريمة". تم استرجاعه بتاريخ 13\03\2021 من الرابط الالكتروني) فإن مئات من هذه الحالات كانت تحدث سنوياً في أم الفحم والعشرات شهرياً.
عن المؤلف:
أسرار كيّال: أخصائية نفسية تربوية متدربة، وباحثة في علم النفس المجتمعي، ومهتمة بالصحة النفسيّة في السياقات الاستعماريّة.